مجالس النساء ، مجالس النساء ، مجالس النساء
ما الذي كُنا نَفعَله كنِساءٍ قَبل عِشْرينَ عامًا مِن الآن؟ أو مَا الذي كَانت تَفعَلهُ أُمهاتنا؟
كُنّ يَلتَقِين بِشكلٍ منتظمٍ يومِي أو أُسبُوعي، لِيُتَابِعْن التَحْدِيثَات فِي أَخْبَار بَعضِهن. وفِي مجالس النساء تَحضُرُ كُلّ مَن لَدِيْها مشكلة أو مَوضُوع يَشغلُ بَالها، ويضعن أسئلتهن على بعضٍ ويتلقين الإجابات والآراء المختلفة من جاراتهن وصدِيقاتهن. و”ياما خربت بيوت، وياما باضت حياة ناس”!
كانت النساء الذكيات يلجأْن للحُصولِ عَلى إجَابَاتِهنّ من الأطبّاء والعُلماء، والنّاس المعروفةِ بِرجَاحة عَقلها واتساع خبراتها ومعارفها، أو الكُتب بِكلّ بَساطة.
بينما تَكتفي أغلَب النساءِ العادياتِ بالحُصول على إجاباتٍ في مجالس النساء، من صديقاتهن وجَاراتِهن اللواتي لا يتمّيزن عنهن بشِيء! يستخدمنّ نفس الحلول، وأحيانًا يتبَادلن عُلب الأدوية إن لم يكن أسماءَها!
وكان الرجال، بشكلٍ أو بآخرٍ يعرفون ما يدور في مجالس النساء وأحَاديثِهن الهامسة. أحيانًا يتلصص الصبيان والفتيات الصغار وينقلون لهم بعض الكلمات، وأحيانًا أخرى كثيرة تحكي النساء في الفراش لأزواجهن ما دار طوال اليوم!
ومن الذي يُصدق أن الرّجال لا يهتمون بما يَدور في مجالس النساء؟ وللإنصاف؛ إنهم يحبّون الحُصول على ملخصٍ سريعٍ بَدل أن يستمعوا لكل التحليلات الغريبة التي تلوك الموضوع حتى لا يعود صالحًا للبحث والتفكير!
وجاء الانترنت!
وتقدم البحثُ على الانترنِت، وتَكاثرت الشبّكات الاجْتماعية، وأصبَحَ الموضوعُ سهلًا لدرجة أن جداتنا وأمهاتنا انْخرطن في هذا الأمر!
ورغم أنه أَصبحَ بإمكانكَ وضْع أهم كلمتين مما يشغل رَأسك في مُربعِ البَحث، وانتظارِ نتيجةٍ لنْ تأخذ أكثر من رَمش عين، لتجد إجاباتٍ وتفاصيلٍ لم يكن لها في الحسبان مكان.
لا تزال النساء تصْنعُ مجالسهن على العالم الافتراضي، يلتقين للتّحدث ومتابعة التحديثات، ويضعن الأسئلة بالشكل التقليدي، ويتحصلن على إجاباتٍ من نساءٍ مثلهن، من عقولهن ومن حقائبهن، ومن علب أدويتهن ومن تجاربهن الخاصة وخرافاتهن اللاتي توارثنها!
وفي الحقيقةِ لايزالُ الرجالُ مهتمينَ بدردشة النساء وأحاديثهن، ولا تزال الطريقةُ القديمةُ في أن الزوجة تخبر زوجها بكل شيءٍ ساريةَ المفعول بالتأكيد! وتواكبًا مع العِلم والتكنولوجيا، فإن كثير من الأزواج يتشاركون أجهزتهم وحساباتهم وكل شيء. أو قد تشعر المرأة بالسخرية أو الانفعال؛ فتعرض على زوجها ما تفعله صديقاتها في مجالسهن، من باب مشاركة السراء والضراء. وحتى إن لم يكن الرجل يتابع ما تفعله زوجته أو صديقاتها، فطالما يعيشان في نفس المنزل قد يقع أحيانًا على بعض التفاصيل!
وخلاصة الأمر، أن ثَقافة مجالس النساء قويّة، وتبنّت كلّ التّكنولوجيا المُتاحة مِن انترنت ومَجموعات مَواقع التواصل، أو تطبيقات اجتماعية مثل Facebook وWhatsApp. وأن مفهوم الخصوصية فيها معدوم مهما تبنت النساء من أسماء رمزية وتنكرية لإخفاء هويتهن.
إن ما نكتبه على الانترنت أو نضعه من صور يبقى هناك ولا مجال لمسحه حتى بعد مسحه. يمكن قراءة المزيد عن مخاطر النت هنا. وإن العادة والثقافة مكونٌ قويٌ ومخيفٌ للماضي والحاضر، وسيملك نصيبه من المستقبل حتمًا.