لم أقضِ بعدُ ثلاثة أشهرٍ في اسطنبول، وهذا ما جعلني أتردد قليلًا قبل كتابة هذا المقال! لكن كثيرًا من الأصدقاء لم يكفوا عن سؤالي: كيف هي اسطنبول؟ هل أعجبتك؟ أم تفضلين ماليزيا؟
في الثلث الأخير من 2015، كنت قد انتقلت وزوجي وأصغر إخوتي إلى ماليزيا، بسبب الحرب وتبعاتها، وربما لأسباب كثيرةٍ تجمعت وقتها. كانت ماليزيا على قائمة الخيارات القليلة التي تتاح لحملة الجواز اليمني، حيث يجد اليمني نفسه أمام أبوابٍ مغلقةٍ، وبلدان كثيرةٍ لا ترحب به وهو الذي يود الفرار من جحيم الحرب بحثًا عن الحياة.
بعد وصولنا إلى ماليزيا بثلاثة أشهرٍ تقريبًا صدر قرار السماح لليمنيين البقاء في ماليزيا بفيزةٍ سياحية، تجدد كل عام، ولا يزال الكثير من اليمنيين في ماليزيا مقيمين بهذه الفيزا ويسمح لهم تجديدها.
وبعد أربع سنواتٍ في ماليزيا، انتقلنا إلى تركيا، تحت ظروف معينة، وقد تكون هذه محطة أخرى لرحلة قادمة، لا أحد يعلم!
ومابين طرفي قارة آسيا، كانت نقلة نوعيةً بالنسبة لنا، نسير كل يومٍ ونحن نلاحظ الفروقات بين الدولتين، ونسعد ببعض الأشياء التي تواجهنا، ونفتقد ما تعودنا وجوده في ماليزيا.
اقرأ/ي أيضًا على تدويني : مزرعة البلكونة!
حل الصراعات مع الأطفال!
كان البحر، والطعام، والمواصلات العامة، أول ثلاثة أشياء سلبت قلبي في اسطنبول!
وبالرغم من أن الماء والمسطحات المائية تغمر كل مكانٍ في ماليزيا، إلا أن لبحر اسطنبول نكهة مميزة تشدك إليها، رائحة بحرية عبقة بأعشاب البحر، والطيور التي تملأ البحيرات والسماء. وربما لكون تركيا محاطة بأربعة بحار يدٌ في سحرها وجمال شواطئها وتنوعها: البحر المتوسط، بحر ايجه، البحر الأسود وبحر مرمرة.
الطعام
بداية من المقبلات والشوربات، إلى الحلويات مرورًا باللحوم والمحاشي، لا أحد ينكر لذة الأكل التركي، وهناك الكثير من السياح الذين يقصدونها ليستمتعوا بملذاتها.
يتنوع المطبخ التركي بشكل واسع، فهناك الميديا (الصدف المحشو)، وأصناف الخبز والمعجنات، والشوارما والمشاوي، والمحاشي، والبقلاوة وبقية الحلويات، وهناك الكثير الكثير مما لا أعرفه، ولم أسمع عنه بعد.
في المقابل فإنك في تركيا من الأفضل أن تستمتع بالأكل التركي، وألا تبحث عن المطابخ الأخرى، لأنها قليلة، وليست بتلك الجودة.
وعلى العكس من ذلك تمامًا، فإن الأكل الماليزي ليس جيدًا حقًا، لا يستسيغه كثيرون، ولكن ماليزيا عالم مفتوح، تجد كل مطابخ العالم فيها، وإن لم يعجبك الطعام الماليزي، فهناك دائمًا مطعم تايلندي قريب، أو غربي أو كوري أو حتى صيني. وهناك أيضًا الكثير من المطاعم العربية واليمنية تحديدًا، حيث أن عدد اليمنيين في ماليزيا في تزايد، ويقبل الماليزيون أنفسهم على الطعام العربي واليمني تحديدًا.
يعد خيار الطعام السريع أسهل في ماليزيا وأوفر، لكن في اسطنبول يمكنك تناول الطعام الشعبي في مطعم عائلي صغير أو كشك في الشارع بتكلفة أقل.
الجو
في حين أن جو ماليزيا استوائي لا يتغير بشكل ملحوظ طوال العام، حار ممطر ورطوبة عالية، ودفء وشمسٌ لا تغيب. تتبادل الفصول الأربعة في تركيا أدوارها وتكسو الطبيعة بألوان وملامح مختلفة لكل فصل. ويؤثر هذا الجو والمناخ على المنتجات الزراعية لكلا الدولتين، فحيثما يكون الموز متوفرًا طوال العام في ماليزيا، وتتوافر فواكه استوائية مثل البابايا والمانجو وفواكه أخرى غريبة لا تتوفر إلا في شرق آسيا، تنتج تركيا الكثير من الفواكه الأخرى مثل العنب والفراولة والتوت بأنواعه، هذا غير الرمان وفواكه أخرى لا توجد إلا مستوردة في ماليزيا.
المواصلات العامة
“اسطنبول لديها نظام نقل ممتاز يستخدم تقريبا جميع أشكال النقل العام المعروفة. داخل حدود المدينة ، يمكن للمرء أن يركب الحافلات والقطارات الصغيرة وقطارات الأنفاق وقطارات الضواحي والترام والطائرات المعلقة والخ.. “
هذا ما ستجده عند البحث في جوجل عن المواصلات في اسطنبول!
وفي الحقيقة أنه صحيح تمامًا، وإضافة لذلك فإن كل وسائل المواصلات العامة في اسطنبول تستطيع ركوبها بكرت واحد مخصص، كما أنه لكل مدينة كرت خاص بها، تأخذك المواصلات لكل مكان، خاصة إن كنت سائحًا لا ترغب في أن تصبح تكاليف التكاسي والمواصلات هي كل ميزانيتك.
وفي المقابل فإن شبكة المواصلات العامة في ماليزيا ليست بنفس الجودة، فالباصات لا تصل كل مكان، ولا تزال شبكة القطارات في توسع رغم محدوديتها.
ولكن يغطي هذا النقص خدمات مثل grab وغيرها للتوصيل بسيارات خاصة، أو خدمات تأجير السيارات مثل socar. وفي الحقيقة إن كليهما أسعاره معقولة أيضًا.
في المقالات التالية سأتحدث عن الناس واللغة والخدمات وأشياء أخرى.
اقرأ/ي على بساط الريح : كيف تسافر إلى المالديف ضمن ميزانية اقتصادية!
التنبيهات/التعقيبات