تحدثوا إلى عقول أبنائكم بدلًا من أحجامهم وعواطفهم – مقال خاص بمدونة: تدويني
في مقارنة بسيطة – ليست قائمة على دراسة ولا بحث – بين متحدثي اللغة العربية ومتحدثي اللغة الإنجليزية؛ آتية مما نشاهده في الفيديوهات المنتشرة والمسلسلات والأفلام التي نشاهدها منذ عقود، نجد أنّ استخدام اللغة العربية يغلب عليه عاطفية عنيفة ليست شائعةً كثيرًا في استخدام اللغة الإنجليزية. وليس ثمة عيبٍ في اللغة العربية قط يؤدي إلى هذا الخلل، فاللغة العربية غنيةٌ بالمفردات والتراكيب التي تغني العقل والعاطفة، فهي لغةٌ تصفُ وتحلل وتناقش دون أي قصور. ولكن الاستخدام الشائع للغة والذي هو انعكاسٌ للثقافة والمجتمع هو ما يعيبنا كمتحدثي العربية وليس يعيبها!
إننا نتحدث للأطفال تحت الثالثة بلغةٍ فضائية كأننا نتحدث إلى حيوان أليفٍ مدهش، وننسى أن ظرافتنا هذه واستخفافنا بعقل الطفل يقلل من قدراته الطبيعية واحترامه لذاته. إن الطفل في الثالثة يكون لديه حصيلة 200 كلمة مختلفة ويستطيع الحديث بجملة تتكون من 3 – 5 كلمات، و75% من كلامه واضح ومفهوم، فهل هذا ما نراه في أطفالنا؟!
” أنا أفهم شعورك!، وأعرف أن كذا وكذا يحزنك” هل حدث واستخدمت هذه العبارة مع طفلك أو أخيك أو ابن صديقك؟ هذه العبارة مختلفة تمامًا عن ” توقف عن البكاء وإلا ضربتك!” أو رمي ما بيدك على طفلٍ يبكي.
” فلان يتألم لأنك ضربته وحزينٌ جدًا، أليس كذلك؟” لا تشبه مطلقًا التهديد من بعيد: ” لا تضرب فلان وإلا ضربتك حتى تبكي دمًا!”. كل هذه العبارات كتبت وتقال باللغة العربية، ولكن استخدامها وأغراضها مختلفة.
تحدثوا إلى عقول أبنائكم المراهقين وقلوبهم حين يطولون فجأة ويصبحون بقامتكم خلال شهرين أو ثلاثة، إن هذا النمو المفاجئ لم يطل عقولهم ولا قلوبهم. لازالوا أطفالكم في الداخل وليسوا منافسيكم ولا أعداءكم الذين ظهروا فجأة من لا مكان.
تحدثوا إلى عقول أبنائكم الرضع بكلماتٍ مفهومة وأحاديث شجية ومليئة بالحب والاحترام للإنسان الذي سيكونه، أجيبوا على مناغاتهم بالكلام، وسيثمر كل هذا أطفالًا أصحاء وفصحاء، وقادرين على الحديث والتعبير عن أنفسهم بدل البكاء ورفس الأرض.
بالكاد نتحدث إلى بعضنا البعض كبشر
بالكاد نتحدث إلى بعضنا البعض كبشر بلغةٍ تفهمها العقول وتصل إلى القلب، بينما يتحدث البعض مع حيواناتهم الأليفة بشكلٍ أرقى مما نفعله، والمخجل في الأمر أن الحيوانات تستجيب وتفهم!
اقرأ أيضًا : تجربتي في التعليم مع الأطفال الصينيين!
ننظر بدهشةٍ إلى طفلٍ في السادسة يقول عبارة ذكية وعميقة، في حين أن أطفالهم يناقشون في هذا العمر بذكاء طول الوقت بعبارات مكتملة وقادرين على وصف مشاعرهم بنضج!
نتشاجر ونهدد بالقتل والضرب، نغضب ونقسم بهدم البيوت. معظمنا يتصرف بردود أفعالٍ قبل أن يستوعب ما يحدث حوله، نخجل أن نبكي أو نقول إننا نشعر بالألم والضعف!
أمام أطفالنا نحن كاملون لا نخطئ ولا نضعف، ثم نريدهم أن يتفهموا كل هذا العنف والتناقض فينا. وبعد ذلك نريدهم أن يقوموا بتقبلنا وحبنا ونطالبهم بأن يكونوا أفضل منا!
إن الأبناء ليسوا قطعًا ولا ممتلكات، وليسوا أصنامًا أو مبرمجين على فهم تصرفاتنا وكلامنا. تحدثوا إليهم، تحدثوا إلى أبنائكم ودعوهم يتحدثوا إليكم، لتعرفوهم ويعرفوكم، ويفهموكم وتفهموهم. تحدثوا إليهم ليكبروا أناسًا أسوياء، متزنين عاطفيًا، وقادرين على التواصل مع ما/ من حولهم. إن الصمت والتوقعات والافتراضات فقاعات عازلة تجعل كل إنسانٍ مفصولًا ومتقوقعًا ووحيدًا، وهذا أسوأ ما قد يخشاه المرء على ابنه.
حديثكِ أخذني إلى حوار النبي الكريم حينما قال لطفل وهو يحاوره مداعباً: “يا أبا عُمَيْر ما فعل النُغَيْر”!! جملة من الدروس التربوية نستقيها من هنا!!
النصوص العربية تشكو بُعد أبنائها عنها.
لابد وأن نقف إليها متأملين قبل أن يتفوق بنُطقها الناطقين بغيرها..!
شكراً سمية لمدونتكِ الزاخرة بالتساؤلات.
العفو،
كانت العرب تحدث أطفالها وتعلمهم الشعر، وبعد الاسلام كانوا يحفظون القرآن والحديث.
شكرًا لمتابعين داعمين مثلك .