قبل أعوامٍ شاهدت وثائقيًا يحكي عن أناسٍ عاشوا في ملاجئ محصنة تحت الأرض طوال فترة الحرب – لا أذكر أي حربٍ بالتحديد، وتم وصف المباني على أنها من الاسمنت الصلب، يصل سمك جدارها إلى المتر، وكان غرضها حماية الناس من القصف.
ثم تحدّث رجلٌ عجوز عن الحياة في تلك المباني الاسمنتية المصمتة الباردة، ووصف الحياة فيها بأنها بائسة، وأنها لا تشجع على الاستمرار حتى لو كنت آمنا فيها. ثم ذكر أن الناس من أجل أن يبقوا بمعنوياتٍ عاليةٍ وصحة ذهنية، كانوا يتمسكون بأي حيوان يعثرون عليه، فيما قام البعض بزراعة مجموعة نباتات والعناية بها، وذلك لأن العناية بكائن آخر تعطي للحياة معنىً.
لأعوامٍ طويلة في منزل عائلتي، كان هناك نباتات ، وكان علينا سقايتها وتنظيف ما حولها، والاعتناء بها، حتى ونحن صغار، كانت هناك حيواناتٌ أليفةٌ على مر السنوات أيضًا، طيورٌ وسمك وسلاحف ووبر.
وحين انتقلت إلى ماليزيا، حاولت مرارًا زراعة شيء في البلكونة، أي شيء، وباءت معظم محاولاتي بالفشل، فكثيرًا ما تقضي حرارة الجو على نباتات العطريات مثل النعناع والريحان، وأحيانًا تكسرها العواصف المطرية والرياح.
اقرأ أيضًا: عيد ماليزي.. عيد الألوان
أخيرًا نجحت في زراعة بعض الفلفل الحار، والجزر.
وبرغم أنها نبتةٌ عادية، وأننا لا نأكل الكثير من الأطعمة الحارة، لكن وجودها يسعدني، وأسعدني أكثر عندما بدأت بالإثمار وتحولت القرون الصغيرة إلى أصابع حمراء.
في الأيام التي أستيقظ فيها بمزاجٍ سيء، أشعر بكثير من الراحة وأنا أتأمل نبتتي الصغيرة وأسقيها كل صباح، وليس للأمر علاقة بالخضرة، فالخضرة هنا تملأ كل مكان، لكن كونها نبتتي أنا، وأنها كبرت برعايتي واهتمامي؛ يمنحني الكثير من البهجة.
ماشاءالله مواضيع جميلة ومقالات مفيدة
شكرًا لمرورك ولطفك