رغم وصولنا هنا قبل أكثر من عشرة أشهر، إلا أنه لم تتسن لنا في المرة الماضية حضور صلاة عيد الأضحى، ولم نشهد أجمل طقوس العيد عند الماليزيين.
مر رمضان عاديًا جدًا، كنا نعيش جزئيًا النظام العربي في النوم إلى منتصف النهار والسهر إلى بعد منتصف الليل، بسبب العطش والخمول الذي يتسبب به الحر، ولأننا تقريبًا بدون التزاماتٍ في هذه الفترة.
بينما بقي النظام الماليزي على ما هو عليه، يصحون مبكرين في نفس الوقت متجهين إلى أعمالهم، ويعيشون بشكل طبيعيٍ، يتسوقون ويخرجون ويعملون ويبنون ويحرسون في هذا الحر والعطش، وحين يقترب موعد الأذان يدخلون مطعمًا أو يعودون لمنازلهم ليفطروا. ستجدهم واقفين قبل خمس دقائق من الأذان أمام أركان أطعمة الشارع أو المطاعم الشعبية يتحدثون وينتظرون الأذان.
طوال العام يبقى الماليزي مواطنًا هادئًا، وكذلك في رمضان. لا يتسببون في الشجارات قبل المغرب ولا في أي وقت. شعبٌ لطيفٌ ومسالم طوال العام.
تغلق 95% من المحال والمراكز أوقاتها عند العاشرة مساءً أو قبلها حتى في رمضان. وفي حالة التمديد بمناسبة العيد تسمح بعض المولات بالعمل إلى الساعة 11. هذا كل شيء!
فإن فاتك شراء شيء قبل التاسعة والنصف، فلا تفكر بالخروج من منزلك! سيكون كل شيءٍ مغلقًا عدا سلسلة بقالات أو بعض المطاعم الشعبية.
صباح العيد خرجنا باكرًا جدًا قبل الشروق بساعةٍ كاملة، لم نكن متأكدين من موعد الصلاة ولم نكن قد دفعنا زكاة الفطر بعد.
اتجهنا لأحد المساجد الكبيرة في منطقة “بوتراجايا”، بدا كتحفةٍ معمارية بتصميمه البديع، ومكانه المطل على بحيرةٍ كبيرة يرتكز عليها جسرٌ كبيرٌ. وتميزت مرفقاته بالاتساع والنظافة والترتيب والأناقة.
يجلس الشيخان على طاولة لتجميع زكاة عيد الفطر من المتأخرين، يأخذ المبلغ المحدد ويعطيك سندًا عن كل فردٍ تدفع عنه الزكاة. اتجهنا إليهم وأدينا الزكاة، وتحدث أحدهما معنا ببعض العربية وبعض الإنجليزية.
قضينا بعض الوقت نتأمل ونلتقط بعض الصور للمناظر الجميلة من مساحات الجامعة المفتوحة دون جدران أو حدود!
وبدأ الناس يتجمعون، كتجمهرٍ ملونٍ ظريف. يرتدي الماليزيون غالبًا زيهم التقليدي في كل عيد ، وبألوان زاهيةٍ كأزهار الربيع، تتراوح ما بين الوردي والسماوي والموف والأصفر والأحمر والبنفسجي والأزرق وألوانٍ أخرى كثيرة. والأجمل من هذا أن ترى عائلةٍ كاملة ترتدي نفس اللون – الأب والأم وصغارهم.
وحين أقيمت الصلاة، بدا المصلون الرجال أسفل مصلى النساء كلوحةٍ فنية بديعة بألوان جواشٍ بالغة البهجة. راودتني نفسي أن أتسلل من الصلاة لألتقط صورةً، ولكني انتظرت للحظة التسليم وهرعت لألتقط صورة الغلاف.
ربما لا أصدقاء لنا هنا، ولا أهل! لكنه كان شعورًا عيد يًا خالصًا، وفرحٌ غامر منحتنا إياه هذه الصلاة القصيرة.
كلمات وصور تبعث البهجة في النفس .. تشبهك تماماً فأنت مبهجة مثلها ..
شكرًا خالتي العزيزة، مرورك أكثر إبهاجًا!