هل رأيت أحدًا يسألُ رجلًا يشاهد ابنه الصحيح المعافى والوسيم واللطيف والنشيط؛ إن كان يحب ابنه؟ وما مقدار حب لابنه
سيبدو سؤالًا سخيفًا لرجلٍ ينظر لابنه وكأنه انتقى أفضل طفلٍ في العالم من أغلى معرضٍ للأطفال، ولشخصٍ يعتقد أنه قد بذل أفضل ما عنده لينتج هذا المخلوق الخالي من العيوب!
لا أحد يسأل أحدًا عن حبه لأبنائه رغم أنهم لن يكونوا جميعًا متعافين ووسيمين ولطيفين ونشيطين!
لأننا ببساطة نفترض أن هذا الحب يأتي مع الأطفال، بعيدًا عن فرضية فطرة الحب من عدمه فهو يأتي. فطريًا كان أم مكتسبًا مع معايشة هذا الطفل ومشاهدته يكبر.
لا يشكك البالغون في حب الآباء والأمهات لأبنائهم، ولا في حب ذويهم لهم! بينما يتساءل الأطفال أحيانًا عن مقدار هذا الحب كنوعٍ من الدلال أو الشكّ في حال مروا ببعض الصعاب من أهلهم.
ولن تجد والدين يدعيان غير الحب لأطفالهم! وهذا الحب أنواع! منها ما قد يدمر الأبناء، يسحق شخصياتهم وتميزهم واختلافهم، ويدفن أرواحهم في قوالب اسمنتية لأجيالٍ أخرى.
-
حب استغلال!
الاستغلال العاطفي والسيطرة على الأبناء من خلاله، قد يكون أسوأ ما يفعله الوالدين لأبنائهم.
ربما يكون الوالدين أو كلاهما غير مدرك لهذا الحب المختل، ولكنه يكون واضحًا حينما يصبح التعامل عاطفيًا بحتًا أمام أخطاء الأبناء وبعيدًا عن العقل. قد لا يكونان قاسيين ولا يستخدمان الضرب. لكنهما يستخدمان القطيعة والتظاهر بالحزن أمام أبنائهم لأنهم ارتكبوا ما لا يعجبهم وقد لا يكون خطأً! واستخدام عبارات مثل: أنت لا تحبني لأنك لا تسمع كلامي! افعل هذا لو كنت تحبني!
-
حب امتلاك!
الآباء الذين يعتقدون أنهم ما داموا قد أنجبوا أبناءهم وتعبوا عليهم فإنهم ملكيةٌ خاصةٌ بهم!
أولئك الذين يستخدمون الأطفال كوسائل ضغط بينهم، يتجاهلون احتياجاتهم، يغمضون أعينهم عما يحدث لهم.
يجبرونهم على معتقداتهم وما ورثوه من عادات لا تغني ولا تسمن، يدفنونهم في أنظمة التعليم الجامدة والقاسية دون دعم، يختارون ملابسهم وقراراتهم وحتى سلوكهم وتسريحات شعورهم!
يحاولون بإستماتة إقناعهم بالالتحاق بالتخصصات التي يريدونها لا التي يريدها أطفالهم، يحرمونهم من تجريب ما خرج عن المألوف لديهم.
ناهيك عن الأنواع الأخرى من الناس التي تضرب أبناءها حتى يوشكوا على الموت، أو تؤدي مهمة التهذيب بالسجائر والحزام والأسلاك والنار! لأنهم “أبناءهم” أي ملكهم! في زمن انتهت فيه العبودية!
اقرأ أيضا:البنات أم الأولاد!
-
الحب الوريث!
وهذا الصنف من الناس ينجب الأبناء لكي يستمر نسل عائلته. وهذا هو الهدف الأوحد من جلب الأبناء للحياة!
ينبغي أن يحمل الأبناء اسم العائلة، وأن يتبعوا خطاها إلى جحر الفأر ويستمروا في المزيد من الإنجاب.
لا ينبغي للأبناء أن يشردوا لتحقيق أحلامٍ أخرى، ولا أن يتجاوزوا قوقعة أسرتهم وأهدافها السامية في الحياة.
-
الحب المَرَضي!
حينما يصبح الحب للأبناء هو الهدف الوحيد للوالدين، حبٌ يسيطر على جميع حياتهم، يجعلهما مبالغان في منح هؤلاء الأبناء كل ما أرادوا، أو إحاطتهم بحمايةٍ مبالغٍ فيها.
يصنعون من أنفسهم فقاعة يحبسون أطفالهم بداخلها، ولا يسمحون لهم بالشعور بغير ما يظنون أنه سعادة أو حنان أو أمن!
لكن إلى متى ستتركهم الحياة آمنين في فقاعتهم؟
وهذه ليست سوى أمثلةٍ صغيرةٍ عما يقترفه الآباء من ذنوب نحو أبنائهم تحت ستار الحب والحماية ومعرفة الأفضل!
إنما الأطفال نباتات برية تحتاج لمساحتها وضوئها وهوائها لتكبر وتنتعش وتقوى وتزهر! وكلما أمعنا في التدخل بإفراط لتقويمها انكسرت. وعندما نبالغ في حمايتها نمنع عنها أسباب القوة والنمو.
أحبوا أبناءكم باعتدال، وقوموهم باعتدال، وربوهم لزمانهم، واتركوا لهم مساحةً تسمح لهم بأن يكونوا مستقلين ومتفردين وناضجين ومسؤولين. إنما هم وديعةٌ لديكم لحين يكبروا وينخرطوا في المجتمع كعناصر مفيدة، فأهلوهم لما هم أهل له.
التنبيهات/التعقيبات