ما بين التهذيب وتدمير شخصية الطفل فارق بسيط؛ يجعل إحتمال الوقوع في الثاني أمرًا محتملًا.
إنّ كثيرًا منّا يستخدم العقاب من أجل تعليم الأطفال وتهذيبهم، ” إذا اتسخت ملابسك سأعاقبك.. “، ” إذا كسرت لعبة فستحرم من وقت اللعب.. “، “إذا دلقت الحليب فلن تحصل على بسكوتة..”، ” إذا ضربت زملاءك فسأحرمك من وقت اللعب..” ناهيك عن الضرب! إن كثيرًا من الأشياء الروتينية مثل كسر الألعاب دون عمد أو سكب الطعام بالخطأ لا يحتاج أن يعاقب الطفل من أجله.
وإذا كنت مربيًا أو معلمًا، أو أمًّا أو أبًا، وتستخدم العقاب بدل التهذيب في مواقفٍ كالمذكورةِ أعلاه؛ فإن عليك إعادة التفكير مرارًا!
ابدأ دومًا بالإيجابية ( كن إيجابيًا)
إن حدث ولاحظت سلوكًا خاطئًا يحتاج للتصحيح، فلا تبدأ بالانتقاد وإلقاء المحاضرات، أو حتى إصدار الأوامر والنهي!
فإذا حدث مثلًا أن طفلًا ضرب آخر، بدلًأ من أن تصرخ بــ” لا تضرب!”، قل بهدوء ” أنت صديق جيد لفلان، ونحن لا نضرب أصدقاءنا” وبدلًا من أن يشعر الطفل بالحرج والاستياء، فسيعرف أنه صديق جيد، وسيتعلم كيف يستمر على كونه ذلك.
ومن هنا تأتي أهمية التهذيب ، لأنه يستخدم اللحظة لتعليم سلوك جيد بطريقة إيجابية.
قدّم خيارًا
إن حصول الطفل على القدرة على الاختيار، لأمر عظيم بالنسبة له. ففي عالم الأطفال يتم إخبارهم دائمًا بما يجب عليهم عمله.
فإذا كان طفلك يتذمر بشأن القيام بالأعمال المنزلية، فلا تسقط في فخ الجدال الذي لن تفوز فيه، وسينتهي حتمًا بالعقاب. بدلًا عن ذلك اعرض عليهم قائمة من المهام ودعهم يختارون الأقل سوءًا بالنسبة لهم. بعض الأطفال يكره تنظيف الأرض، لكنه لا يمانع غسل الصحون.
كذلك يمكنك ترك الخيار لهم بالنسبة للأيام التي يودون القيام بالأعمال فيها، فيختارون يوم كذا لمهمة كذا وكذا.
إن منحهم الخيار يعطيهم شعورًا بالسيطرة، وبهذا تعلمهم أنه مطلوب منهم المساهمة بلا أعمال، لكن يمكن أن يكون لهم رأي في كيفية ذلك.
اقرأ أيضًا في تدويني : حل الصراعات مع الأطفال
لا تدع الغضب يسيطر على ردود أفعالك
كمربٍ أو كمعلم، سيكون عليك ألا تتصرف وفقًا لما تشعر به، وبالرغم من أن التوتر والغضب هما أول ما يتدفق في رأسك عندما يرتكب أطفالك خطأ، فإنك عندما تتصرف بطريقة تسمح للأطفال برؤية هذه المشاعر، فإنك تخيفهم وتدفعهم للانغلاق، وهذا سيجعلهم لا يسمعون أي شيء يقال بعد هذه اللحظة.
تذكر أنك إذا كنت بحاجةٍ لدقيقة من الهدوء قبل أن تتحدث لأطفالك، فخذها وتنفس بعمق واهدأ!
معظم الأطفال لا يتعمدون ارتكاب الأخطاء، وتذكر أنهم لا زالوا صغارًا يتعلمون باستمرار ويحتاجون للمساعدة.
اشرح لأطفالك أنك تعرف أنهم لا يتعمدون ارتكاب الأخطاء، وامنحهم الأمان.
عندما يكون سلوك الطفل بحاجةٍ إلى تصحيح؛ فإنه من الضروري إخبارهم بأنك تعرف أن ما حدث لم يكن عمدًا، وهذا يجنبهم الشعور بالتوتر والعار. لا شك أن قمت سابقًا بالدوس على بقايا الطعام، أو قطعة مكعبات صغيرة، وكان أول ماجال بخاطرك أن تصرخ، وبدلًا عن ذلك يمكنك القول: أعرف أنك لم تقصد أن تترك ألعابك (ترمي طعامك) على الأرض، لكني دست عليها وكان الأمر مزعجًا، دعنا ننظف ذلك معًا، ونفكر في طريقة لتذكيرنا بالتنظيف المرة القادمة.
هذه الطريقة تعلم الطفل أن سلوكه بحاجة إلى تعديل/ تصحيح، لكنها لا تدفع الطفل للشعور بأنه بحاجة للدفاع عن هفسه، كما أنها تعطي الطفل فرصة لبناء ثقته فيك كبالغ.
لاحظ الإيجابيات كما تلاحظ السلبيات
كلما كبر الأطفال؛ قلّت ملاحظتنا سلوكهم الإيجابي، وفي الحقيقة فإنك عندما تلاحظ السلوك الجيد أكثر من ملاحظتك للأخطاء فإن ذلك يدفع الأطفال لجذب انتباهك بطريقة إيجابية، والعكس صحيح. فإن الانتباه للسلبيات يعززها. وإذا وجد سلوك يحتاج للتصحيح فإنه من الأفضل تنبيه الأطفال إلى السلوك الإيجابي المطلوب منهم القيام به.
عندما تقوم المعلمة في الصف بالتركيز على انتقاد الطفل المشاكس، أو تقوم بالمبالغة في تنبيه أحد الأطفال الحركيين، فإن الأطفال الهادئين سيقومون بتقليده للحصول على الانتباه. وبدلًا من ذلك فعليها الإشارة للأمور الجيدة التي تتوقعها من الأطفال: ” دعونا نجلس بهدوء ونكتب درسنا بخط جميل” ، ” خطك جميل ومرتب” ” هدوءك يساعدك على الكتابة بترتيب”.
اقرأ أيضًا على تدويني : البنات أم الأولاد!
أقم علاقة إيجابية مع أطفالك
إنّ حفاظك على علاقة صحية بأطفالك سيساعدك على القيام بـ التهذيب الإيجابي بفاعلية.
اقض معهم وقتًا جيدًا، وكن مثالًا يحتذى به، لبناء الثقة ومساعدة طفلك لتطوير نفس السلوك بأنفسهم. كذلك كن متأكدًا ألا تصحح سلوكًا إلا إذا رأيته يحدث أمام عينيك، وهذا لا يمكن حدوثه بدون قضاء وقتٍ جيدٍ وكافٍ وبحضورك الكلي مع أطفالك.
إن تغيير أساليبك التربوية من العقاب إلى التعليم من خلال التهذيب يستغرق بعض الوقت والجهد. امنح نفسك الوقت لتنمو وتغير سلوكك كذلك.
مقال مترجم بتصرف عن مقال لموقع confessionsof parenting